بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا
محمد الصادق الوعد الأمين , معرفة الله أصل في الدين لأن
إن عرفت الله أو عرفت الآمر تفانيت في طاعته ، أما إن عرفت الأمر ولم تعرف الآمر
تفانيت في التفلت من الأمر ،
السؤال الآن : الذي يقتضيه هذا الموضوع كيف نعرف الله
الله عز وجل, كما أخبر عن ذاته لا تدركه الأبصار ، ولكن الكون كله ينطق بوجوده ووحدانيته وكماله ،
بل إن الكون كله مظهر لأسمائه الحسنى وصفاته
الفضلى ، وفي القرآن الكريم ألف وثلاثمائة آية تتحدث عن الكون وعن خلق السماوات والأرض ،
وعن خلق الإنسان والحيوان والنبات
هذه الآيات التي في القرآن الكريم هي في الحقيقة رؤوس موضوعات للتفكر،
وحينما نعرف الله عز وجل نتفانى في طاعته
لكن مشكلة المسلمين اليوم أنهم أتقنوا معرفة الأمر ولم يطبقوا الأمر، لأن معرفتهم بالآمر ضعيفة جداً ، كأن هذه المرحلة المكية في حياة المسلمين أغفلت الآن ،
هناك مرحلة مدنية فيها التسريع، وهناك مرحلة مكية فيها تعريف الإنسان بالله عز وجل .
( بهذا استهلّ شيخنا الجليل حديثة ). وتابع :
مثلاً : لو أن الله سبحانه وتعالى يقول : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَة
(سورة البقرة)
من منا لا يعرف البعوضة ؟ هل من مخلوق أهون على الإنسان من البعوضة ؟
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ
مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ سنن الترمذي( )..
هذه البعوضة على هوال شأنها عند الإنسان ، ضرب الله بها مثلاً لعظمته وقدرته وصنعته فقال :
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا
العلماء يقولون : إن وزن البعوضة يساوي ميلي غرام، واحد على ألف من الغرام ! وهذه التي تلدغ الإنسان أنثى ، من
منا يستطيع أن يفرق بين الأنثى والذكر ؟ لكن علماء الحشرات يفرقون بالمجاهر العملاقة ، والدليل أن الله عز وجل يقول :
فَمَا فَوْقَهَا
هي أنثى : البعوضة في وجهها مائة عين ، وفي فمها ثمانية وأربعون سناً ، ولها ثلاث قلوب قلب مركزي وقلبين
لكل جناح واحد ، وفي كل قلب أذينان وبطينان ودسّامان ، والشيء الذي لا يصدق في البعوضة أنها تملك مستقبلات ضوئية
أي أنها ترى ما حولها لا بشكله الحقيقي أو حجمه ولكن بحرارته أي أنها تستخدم الأشعة تحت الحمراء ،
وأن هذه المستقبلات الضوئية الحرارية يمكن أن
تتحسس بواحد من الألف من الدرجة المئوية ، وكأن هذه المستقبلات الضوئية الحرارية رادار ، فإن كانت
في غرفة مظلمة وفيها إنسان نائم تتجه إليه مباشرة
بحسب حرارته ، اتجهت إلى كل دم يناسبها ، عندها جهاز لفحص الدم فإذا وقعت على جبين إنسان دمه
يناسبها لابد من أن تخدره معها جهاز تخدير
ولابد من أن تميع دمه لأن دمه لا يسري في خرطومها الدقيق ، معها جهاز رادار أو مستقبلات حرارية
وضوئية جهاز فحص للدم وجهاز تخدير ، ثم إنها تملك
جهاز تمييع حتى يسري الدم في خرطومها ، وما خرطومها ؟ خرطومها لا يصدق ! فيه ست سكاكين
أربع سكاكين تحدث جرعاً عميقاً لابد من أن يصل إلى
الدم وسكينان يشكلان مع بعضهما أنبوباً لمص الدم ، البعوضة تملك محاجم إذا وقفت على سطح أملس ،
والمحجم يعتمد على الضغط وتفريغ
الهواء وتملك مخالب إذا وقفت على سطح خشن ، والبعوضة يمكن أن تشم رائحة عرق الإنسان من ستين
كيلو متر ،
والبعوضة يرف جناحاها ستين رفة في الثانية .
)سبحان الله... مللي غرام يحتوي على كل هذه التجهيزات .. رادار يعمل بالاشعة تحت الحمراء
جهاز تمييع للدم وجهاز تخدير ............. سبحان الخالق مبدع كل شئ(
عن ندوة للعلامة الدكتور محمد راتب النابلسي , أمّدالله في عمره وجزاه عنا كل خير